هل يُطربِك ابنك بعشرات المرات من النداء المستمر طوال اليوم، ماما ماما ماما؟!
هل تطلب منك ابنتك 3 طلبات متتالية وتلبيها لها، فقط لتبادرك هي بالطلب الرابع؟!
هل تقضين يومك بين متطلبات أطفالك التي لا تنتهي؟!
هل حديثهم لا يتوقف ولا ينتهي من الاستيقاظ للنوم؟!
إذا اسمحوا لي أن أُرحّب بكم في نادي (زن الأطفال) كما يسميه الآباء. بينما نطلق عليه في علم النفس (الاحتياجات النفسية غير المشبعة).
فكل سلوك يظهر من الطفل، نتعامل معه مثل الجبل الذي يظهر سطحه لنا بينما تمتد جذوره العميقة تحت الأرض. كذلك سلوك الطفل الظاهر لنا، يخبئ خلفه جذور من الاحتياجات النفسية التي يسعى للحصول عليها، حتى لو باتباع سلوكيات خاطئة أو مضرة.
أقول دائما كما تعلمت في علم النفس التربوي (لا يوجد طفل سيء السلوك .. يوجد طفل غير مُشبَع الاحتياجات)
والأصل في تربية الأطفال أن نتعلم ما يكمن خلف سلوكياتهم ونعمل على إشباعه بشكل صحي. لا أن نركز على وقف السلوك خارجيا فقط.
ماذا يمكن أن يخبرنا (زن الأطفال) عن احتياجاتهم النفسية؟
علّمنا عالم النفس النمساوي الشهير “ألفرد أدلر” في مدرسته الشمولية في علم النفس، أن الأطفال تلجأ لعادة الزن بعد أن يكونوا اختبروا -ولو مرة في لحظة ضعف من الآباء- أنها تلبي لهم طلباتهم واحتياجاتهم. وتختلف الاحتياجات التي تكمن وراء (زن) الطفل باختلاف شخصيته وبيئة تنشئته.
فمثلا زن الأطفال يكون أحيانا للفت انتباه الأب والأم. إذا فهذا الطفل يحتاج إلى الانتباه والاهتمام ولكن بشكل صحي، لا أن نقدم له الانتباه كلما مارس سلوك الزن.
وأحيانا أخرى يكون لنقص المهارات، كأن يطلب الطفل منك ماء ليشرب، ثم يطلب أن تحضر له ثمرة فاكهة، ثم يتبعها بطلب لفتح باب الخزانة…إلخ. إذا هذا الطفل يحتاج أن يتعلم الاعتماد على نفسه وتحمل المسؤولية بشكل تدريجي.
وقد يكون (الزن) تحدي من الطفل واحتياج لإثبات ذاته، كأن يكرر الطفل طلبه بعد أن أخبرته أنك ترفض هذا الطلب وأنه غير مسموح به، أو يتوقف عنه ويبدأ في طلب ثاني ثم ثالث.
ما يهم هو أن نتعامل بأساليب تربوية تؤدي لإشباع تلك الاحتياجات بشكل سليم وسوي، لا بشكل سطحي.
أكثر من 7 طرق للتعامل مع سلوك الزن بشكل صحي:
-
املأ الخزان العاطفي لطفلك..
تحدث الكاتب الشهير واستشاري العلاقات الزوجية “جاري تشابمان” في كتابه (لغات الحب الخمس)، عن أن لكل إنسان خزان عاطفي يستقبل فيه مشاعر الحب ممن يحيطون به. وأنه هناك 5 لغات مختلفة يستقبل بهم البشر مشاعر الحب من الآخرين، ويملئون بها خزاناتهم العاطفية على حد تعبيره.
وإذا لم تتعلم لغة الحب الخاصة بطفلك، فقد تبذل الكثير من الوقت والجهد للتعبير له عن حبك دون جدوى. تعلّم لغة ابنك في استقبال الحب، ومارسها معه حتى يمتلئ الخزان العاطفي لديه ويصبح في غير حاجة لإساءة السلوك حتى يلفت انتباهك له.
-
اعطهم اختيارات..
يمنح الاختيار صاحبه شعورا بالقوة والتحكم، ولكن بشكل صحي. فإذا طلب منك طفلك 3 طلبات على سبيل المثال، يمكنك أن تطلب منه يختار طلب واحد فقط لتنفذه له. وتخبره أنك لن تستطيع تلبية أكثر من طلب واحد فقط في الوقت الحالي، وأنك ستدعه هو يقرر أي الطلبات تفعلها له.
-
لو سمحت امنحني وقت لأفكر Please Let Me Think About It..
أحد الأساليب التربوية القوية والصحية جدا، والتي ينصح بها الطبيب النفسي “جيفري برنشتاين” على موقع (Psychology Today)، هو أن تطلب من طفلك منحك بعض الوقت لتفكر فيما يطلبه وتتخذ القرار الصحيح.
يعمل هذا الأسلوب على إبطاء رتم طفلك السريع في الطلبات المتلاحقة، ويعطيك فرصة لتلتقط أنفاسك فتستطيع التعامل معه بأسلوب هادئ.
كما أن ذلك الأسلوب يعلّم الطفل الكثير عن اتخاذ القرارات وأهمية التفكير.
وإذا عاد إليك طفلك بعد دقيقة ليكرر الطلب، يمكنك أن تخبره بلطف أنك سمعته بالفعل وتحتاج ربع ساعة لتتخذ قرارك. (هذا بالطبع إن كان عمر الطفل يدرك مفهوم الوقت والساعات).
-
ادعوهم للانضمام إليك..
تأتي ابنتك لكي وأنتي تطبخين العشاء لتطلب منك طلب واثنان وثلاثة. يمكنك حينها ببساطة أن تخبريها أنك تحتاجين مساعدة، وستسعدين كثيرا إذا أقضت هي بعض الوقت معكِ في المطبخ تساعدك. وقد تطلبن منها مهمة بسيطة مثل غسل الخضروات إن كانت في سن صغيرة، أو تقطيع السلطة إذا كانت أكبر عمرا.
-
تعليم المهارات..
كما ذكرنا سابقا، في كثير من الأحيان تكون كثرة الطلبات لنقص مهارات الطفل. وهنا من المهم جدا أن نبدأ بتمضية بعض الوقت في تعليم الطفل تلك المهارات.
ولنبدأ باختيار مهمة واحدة فقط لا يستطيع هو عملها بنفسه مثل غسل ثمرة فاكهة ليتناولها. ونبدأ تدريبه عليها، وتعليمه كيفية أدائها. ثم بعد ذلك نفوّض له أداء تلك المهمة بنفسه ولكن بشكل تدريجي حتى يتمكن من أدائها بشكل تام آمن.
-
سؤال وإجابة
تعمل تلك الأداة التربوية على احترام الطفل، مع احترام نفسي أيضا كأب/ أم. فعندما يأتي ابني ليطلب مني أن يذهب للعب عند الجيران، وأنا أجد الوقت غير مناسب فأجيبه بلا. بالطبع سيكرر الطفل طلبه بعد دقيقة واحدة أو أقل. وقتها أستطيع تطبيق تلك الأداة في 4 خطوات:
-
هل تعرف أداة (سؤال وإجابة)؟
بالطبع سيجيبني أنه لا يعرفها.
-
فأقول له: حسنا، هل سألتني منذ قليل عن لعبك عند الجيران؟
سيجيبني بنعم.
-
فأُكمل: وهل تلقيت مني إجابة؟
سيفهم على الفور ويبدأ يستعطفني: نعم يا ماما ولكن أنا فعلا…
-
هنا أرد بهدوء قائلة: حسنا، هذه هي يا عزيزي أداة (سؤال وإجابة). لقد طرحت سؤالك، وتلقيت مني الإجابة.
إذا استمر في تكرار الطلب بعد أن أوضحت له، يمكنني أن أستأذنه وأغادر المكان.
-
الاستمرارية بثبات..
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.