القائمة إغلاق

عيش اللحظة

عيش اللحظة

عيش اللحظة

فى يوم كنت راكبة العربية مع جوزي رايحين مشوار، وعدينا من طريق كنا متعودين نمشي فيه يوميا لما كنا فى شقتنا القديمة.
أول شقة سكنت فيها بعد بيت أهلي. الشقة اللى اتجوزت فيها وقضيت فيها أول فترة من حياتي الزوجية، واللى خلفت فيها بنتي الوحيدة، وليها جوايا ذكريات كتير جميلة. وطبيعي الذكريات دي بسترجعها لما بمشى فى الشوارع والطرق المؤدية ليها.
وده بظبط اللي حصل يومها. فضلت أسترجع ذكرياتى الجميلة وحسيت بسعادة داخلية وحنين قوي لمجرد مروري من الطريق ده.

قلت لجوزي: يااااااه..بقالنا كتير أوى مجيناش من هنا، والطريق كان واحشني أوي.
بصلي باستغراب كبير ورد عليا: اه فعلا بقالنا كتير مجيناش من هنا…من أول امبارح !!!
أنا: إيه ؟؟ احنا عدينا من هنا أول امبارح ؟؟!!!
هو: آه لما كنا رايحين للدكتور.

فسكتت وافتكرت إن فعلا هو ده نفسه طريق الدكتور بتاعنا، وان احنا فعلا رحنا للدكتور أول امبارح، وبنروحله بمعدل كل اسبوعين تقريبا علشان حساسية بنتي.
لكن مش فاكرة خالص إننا عدينا من هنا قريب، ولا فاكرة إني جيت الطريق ده من شهور أصلا.
وركزت لقيت إن بالي دايما مشغول وبفكر ليل ونهار. شاغلة مخى طول مانا فاضية ومش بعمل حاجة، وحتى وانا بعمل بعض الحاجات بفضل أفكر. أفكر فى مواقف مرت وحاجات حصلت أفكر ف اللى مضايقنى والمشاكل اليومية وضغوط الحياة اللي كلنا بنعيشها.

ولأن جوزي هو اللى بيسوق، وكمان لأن التفكير أثناء ركوب أي وسيلة مواصلات هو أحد هواياتي، فطول ماحنا فى العربية بفضل أفكر وشاغلة بالي. وده اللى خلاني محسش بالطريق اللى عديت منه ولا حتى آخد بالى انى ماشية راحة جاية مرتين في الشهر تقريبا فى الشوارع اللى بحبها.

ويمكن لو كنت أخدت بالي ساعتها واسترجعت ذكرياتي الحلوة وحسيت نفس الأحاسيس الجميلة اللى حسيتها وقتها، مكنتش فضلت متضايقة ولا شايلة هم مشاكلي. كانت ذكرياتي الحلوة حتغيرلي مودي وحتوفر عليا مشاعر سلبية كتير.

وفضلت مستغربة ازاي الإنسان ممكن ميحسش بجزء من حياته واخد مساحة كبيرة ووقت طويل!!!
لأنه ببساطة مركز على جزء تاني. وممكن أوي الجزء اللي فاته ده كان هون عليه كتير من هموم وأحزان الجزء اللي مستغرق فيه ليل نهار.
وافتكرت ساعتها حلقة كنت شفتها من 3 سنين تقريبا، للداعية (معز مسعود) كان بيحكي فيها عن كتاب قراه بيتكلم عن الإنسان اللى بيعيش فى الحاضر وهو بيفكر فى الماضي…
فبيروح منه الحاضر من غير ما يحس بيه.
والمستقبل يتحول لحاضر والحاضر يتحول لماضي. وتتكرر نفس الحكاية ويفضل يفكر فى مشاكل وحوادث وفرص ضاعت وحاجات كلها حصلت فى الماضي، ويسيبها تسيطر عليه فيضيع منه الحاضر.
وشوية شوية تعدي سنين من عمره من غير ما يحس بيها ولا يحس إنه عاشها أساسا.

وفكرت ساعتها إن أحسن حاجة الواحد يعملها إنه يعيش اللحظة ويستمتع بيها، لأنها لو عدت مش حترجع تانى.

مفيش مانع تفكر فى الماضي وتتعلم منه، وتفكر فى مستقبلك وتخطط ليه، لكن اوعى تخليهم يغطو على الحاضر. متنساش إن الحاضر اللي انت عايشه هو الأولى بالاستمتاع، لا انت حترجع الماضي، ولا انت ضامن المستقبل، لكن اللي متأكد منه هو اللحظة.

عيش اللحظة

Comments

comments