
فتشت عن جوانب النقص اللي عندك انهاردة؟
ركزت على ايه اللي ناقص في حياتك ومعرفتش تحققه؟؟
دورتي على المسئوليات والمهام اللي عليكي ولسه مخلصتيهاش وأنبتي نفسك عليها؟؟؟
قعدتي في آخر اليوم بعد تعب ومجهود ومشقة تفتكري عملتي ايه غلط مع ولادك وتلومي نفسك عليه وتعاتبيها ؟؟؟
لو إجابة سؤال أو أكتر من دول هي (نعم)، وبشكل متكرر في حياتك ..
فأحب أرحب بيكو في عالم (البحث عن المثالية)
عالم الجحيم !!
السعي للمثالية :
المثالية هي المرادف المقبول (مجتمعيا) للكمال.
كلنا .. كلنا بدون استثناء عارفين إن الكمال لله وحده، وإننا كبشر مفيش حد فينا كامل. وعلشان كده محدش بيقول لنفسه أو لغيره إنه نفس يبقى كامل. لأن الكلمة مقترنة بصفة من صفات الله.
لكن المثالية ككلمة ليها قبول كبير بين الناس. وبالتالي مش مرفوض أبدا إن حد “نفسيا” يسعى للمثالية.
وسواء الشخص عبّر عن سعيه ده بكلمات صريحة، أو عبر بأفعاله فقط؛ فالمجهود اللي بيعمله الشخص ده للوصول للمثالية شيء “للأسف” محمود جدا في المجتمع، بل ومطلوب كمان.
ولكن إذا تفحصنا المعنى وراء المثالية، حنلاقيه صورة من صور الكمال.
المثالية هي عدم الخطأ، عدم التقصير، عدم النسيان، عدم الكسل، عدم الضعف، عدم الاتزان…
يعني من زاوية أخرى هي الكمال: كمال الأخلاق، وكمال تحمل المسئولية، وكمال أداء الأدوار الكتير اللي في حياة كل فرد، وكمال كفاءة أداء الأدوار دي، وكمال التركيز، وكمال النشاط والهمة، وكمال ضبط الأعصاب…
وإن كان صعب شوية نلاقي حد بيصرح بالمعاني دي بشكل مباشر، لكن كتير جدا “جدا” من الناس بتطالب نفسها (واللي حواليهم) بيها.
بيطالبوا بيها فعلا لا قولا !!
يعني أفعالهم وأحكامهم وتقييمهم للأمور، كله بيكون من منظور السعي للمثالية وعدم تقبل الخطأ والتقصير. بل وجلد الذات (وجلد الآخرين) عند وجود خطأ أو تقصير.
حتى أصبح الموضوع كالوباء اللي انتشر في المجتمع. وبقى يأثر على حياة كتير مننا.
ما المشكلة في السعي للمثالية ؟!!
طيب الواضح كده إن المثالية دي بتأدي لفعل الصواب والخير دايما، وللنشاط، وللالتزام بالمسؤليات، وحاجات كويسة جدا …
يبقى فين المشكلة ؟؟؟
المشكلة باختصار بتكمن في كلمتين اتنين ..
بني آدم ..
جزء أساسي من آدميتنا هو الوقوع في الخطأ. والخطأ ليه أشكال كتير. ممكن يبقى تقصير في مسؤليات، وممكن يبقى كذبة، وممكن يبقى سلوك غير أمين، وممكن يبقى تعبير مؤذي عن الشعور بالغضب … إلخ.
والسعي للمثالية مبيسمحش بكل ده.
يعني بمعنى آخر، السعي للمثالية بيحاول يجردنا من آدميتنا، ويحولنا لكائنات ملائكية عايشة على الأرض.
والأحاديث النبوية كتير عن كون الخطأ مكوّن أساسي في الإنسان.
(كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ )
(لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم)
فالمثالية ضد فطرتنا .. ضد طبيعتنا الآدمية
إزاي أعرف إني مصاب بداء البحث عن المثالية ؟
كتير مننا حيتفق مع كل كلمة مكتوبة في العنوان الأول، ويقول: فعلا .. ازاي الناس تفكر كده !!
لكن كتير برضو حيتفاجئوا لما يكتشفوا ازاي الموضوع متغلغل في تفاصيل حياتنا، لدرجة إننا ممكن نبقى مصابين بالداء ده ومش واخدين بالنا …
🔹رفض الوقوع في الخطأ: عن طريق اللوم الشديد لنفسك كل ما تحس إنك قصرت في شيء، أو غلطت في حاجة.
🔹إنكار الخطأ: اللي بيسعى للمثالية مش بيقبل إنه يغلط، فتحس بغضب وضيق شديد لو حد قال إنك غلطت أو قصرت.
وهنا بتعمل حاجة من اتنين: يا إما بتنكر الخطأ ده تماما .. أو بتبرر ليه، وتفضل تدي لنفسك أعذار علشان تثبت إن كان حقك تعمل كده، وبالتالي كده ده مبقاش غلط لأنه حقك.
🔹السعي لنيل رضا الآخرين: مفيش شك إن كلنا نحب نظهر في مظهر حسن، ومنحبش أخطائنا وعيوبنا تكون باينة للناس كلها.
لكن المصاب بداء السعي للمثالية، بيبذل مجهود ووقت كبير جدا علشان يرضي اللي حواليه. وبيفكر دايما في رأي الناس فيه، وتقييمهم ليه. ويخاف جدا لو حس إنه بيعمل حاجة ممكن متعجبش حد، حتى لو كانت عاجباه هو ومتأكد من صحتها، إلا إن التوتر والخوف اللي بيحس بيهم لو محصلش على رضا وموافقة الآخرين؛ بيغطي على رغباته هو الحقيقية.
🔹جلد الذات: الساعي للمثالية هو شخص كثير اللوم لنفسه، ودايما يأنبها، بل وممكن يجلدها كمان.
لو أم زعقت لولادها، تفضل تلوم نفسها وتأنبها وتجلدها. وتلاقي الشعور بالذنب متمكن منها لدرجة إن مفيش مساحة عندها لتصليح الخطأ. هي مكتفية بجلد ذاتها فقط.
لو زوجة تعبانة طول اليوم في البيت ومع الولاد، ومقدرتش تخلص كل اللي وراها؛ تقعد آخر اليوم تلوم نفسها وتأنبها، حتى لوكانت منظمة يومها ومحققة فيه كتير من المهام اللي وراها؛ لكن تفضل مركزة على الجزء اللي مخلصش لأنها رافضة يكون فيه نقص.
وهكذا…
🔹المقارنة: من أكتر الأشياء اللي بيأذي بيها الساعي للمثالية نفسه هي مقارنة نفسه بغيره. لأنه لما بيقارن، بيقارن نفسه في اللي ناقص عنده، بغيره في اللي موجود عنده.
فمثلا الأم اللي مبتشتغلش، وكانت حابة إنها تقوم بمهام البيت ورعاية الزوج والأبناء وتربيتهم، تقابل أم تانية عندها نفس الأعباء والمسؤليات وفوقهم إنها بتشتغل وناجحة في شغلها؛ فتبدأ تقارن نفسها وقعادها في البيت بنجاح الأم التانية في عملها، وتبدأ تشعر إنها أقل منها وإن ناقصها حاجة مهمة. في حين إن الأم التانية عندها جوانب تانية فيها قصور نتيجة اهتمامها بشغلها، وهي راضية بده وقابلاه.
وإن كانت المقارنة أساسا مرفوضة وشيء ضار جدا، إلا إنها عند الساعي للمثالية بتكون أشد ضررا وأذى.
كيف أتخلص من جحيم السعي للمثالية ؟!
1) الوعي: المعرفة قوة .. وعينا بوقوعنا في السعي للمثالية، واعترافنا بده، خطوة مهم جدا في طريق التعافي منها.
2) التدريب: السعي للمثالية ورفض ارتكاب الأخطاء هو عادة اتربينا عليها. لأن زي ما قلنا سابقا هو ضد فطرتنا. لكنه شيء اكتسبناه من ممارسات خاطئة تمت معانا على مدار سنوات طويلة.
وعلشان نغير المفهوم ده جوانا فالموضوع حيحتاج مننا تدريب مستمر لفترات طويلة برضو. ومع الوقت حنرجع تاني لفطرتنا السليمة، إننا نخطيء ونتوب ونصلح الغلط. ونتخلص من السعي للمثالية.
3) الصبر والمثابرة: بما إنها عادة اكتسبناها بممارستها لوقت طويل، فالتخلص منها برضو حيحتاج وقت. وإن كان حياخد مننا وقت أقل بكتير من اللي أخدناه علشان نتعود عليها. وصبرنا على نفسنا وعدم استعجالنا النتايج هو شيء مهم جدا. وكمان المثابرة والاستمرار في المحاولة حتفرق جدا بشكل إيجابي.
4) قبول نفسي عند الخطأ..
5) التوقف عن اللوم والتأنيب..
6) وقف المقارنات..
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.