يحتاج الطفل في العمر من 9 – 12 شهر إلى عدد ساعات نوم يومية بين 12 – 16 ساعة. تنقسم بين فترتين قيلولة أثناء النهار، بالإضافة للنوم ليلاً عدد ساعات متواصلة من 9 -11 ساعة.
وفي الأغلب (إذا قامت الأم بتعليم الطفل وتدريبه على الانتظام في النوم واكسابه عادات النوم السليمة) يكون نوم الطفل قد انتظم قبل ذلك بفترة كبيرة، ويكون لديه نظام ثابت في نومه واستيقاظه.
ولكن فجأة، وبعد انتظام الطفل في نومه لفترة طويلة، يصيبه اضطراب وتخبط وعدم استقرار.
فيستيقظ ليلا دون سبب ويظل يبكي طويلا، وأحيانا يستيقظ فقط ليلعب، كما أنه أصبح يجد صعوبة كبيرة في الاستغراق في النوم.
أصبح لا يأخذ قيلولته بشكل منتظم، وينام لدقائق معدودة ثم يستيقظ رافضًا النوم ثانيةً، فقط ليبدأ بعدها بقليل البكاء تعبً من قلة النوم.
وتحتار الأم كثيرًا فيما تفعل وفي سبب تغيره المفاجئ، وتصاب بالإحباط وتبدأ في لوم نفسها كأم قليلة الحيلة لا تعرف كيف تتصرف.
لذا أقول لكِ عزيزتي اهدأي وتعالي لنفهم سويًا في هذا المقال ماذا حدث لطفلك؟ ولماذا؟ وكيف تتصرفين معه؟!
ما.يحدث مع طفلك هنا هو حالة متعارف عليها تسمى “انتكاسة النوم الثانية “حيث أن هناك انتكاسة أولى تحدث قبل هذا العمر.
تحدث الانتكاسة الثانية لكثير من الأطفال في عمر 9 – 12 شهر.
تبدأ تحديدًا في أي وقت بين عمر 8 شهور وحتى 10 أشهر. لا تكون البداية قبل هذا العمر ولا بعده، وإلّا فهي شيئًا آخر غير الانتكاسة الثانية لنوم الطفل.
وتستمر لمدة تتراوح من 3 – 6 أسابيع.
وبعد أن تعرفنا على ما يحدث ومواصفاته، نأتي الآن لأسباب تلك الانتكاسة:
1. قلق الانفصال: ففي هذا العمر يكونزالطفل قد أدرك ماهية اختفاء الأشياء من أمامه، وبالتالي اختفاء أمه منزأمام عينيه لأي سبب. مما يسبب له قلق نفسي يستمر معه لفترة من الوقت. فيستيقظ أحيانا نتيجة هذا القلق ليطمئن فقط لوجود أمه حوله. وكثيرا ما يصعب عليه العودة للنوم ثانية فيظل مستيقظًا إمّا يبكي وإمّا يلعب.
2. ممارسة مهارات التطور الحركي: ففي تلك المرحلة يتعلم الطفل الكثير من المهارات نتيجة النوم الحركي المصاحب لذلك العمر. مثل الحبو، والجلوس بنفسه، والنهوض، والوقوف على قدميه مستندًا، وبداية السير، … فنجد الطفل يستيقظ ليقف في سريره مناديًا أو باكيًا، أو يجلس ويبدأ اللعب. فهو يريد أن يمارس تلك المهارات الجديدة التي تعلمها ويتدرب عليها أكبر وقت ممكن.
3. الحماس النفسي المصاحب للتطوّر العقلي والإدراكي للطفل: بالإضافة للنمو الحركي فإن هذا العمر يستم بالنمو العقلي والإدراكي.
يبدأ الطفل اكتساب اللغة ومحاكاتها، ومحاولات نطق مقاطع الكلمات، وممارسة الأصوات المختلفة.
كما أنه الآن أكثر وعيًا وإدراكًا للمشاعر، فيدرك مشاعر الحزن والفرح والغضب بشكل أكبر بكثير. ويدرك ما يراه حوله من أشياء ويتفاعل معها.
كل ذلك النمو العقلي والإدراكي يولّد حماسة نفسية لدى الطفل تسبب له كثير من الأرق.
تمامًا مثلنا نحن حين نذهب للسرير ليلًا لننام ولدينا في الغد حدث هام؛ مثل سفر لمكان ما، أو مقابلة شخص عزيز، أو حضور حفل زفاف؛ فنجد أننا نستيقظ كثيرا في تلك الليلة ولا نستطيع النوم جيدًا من فرط الحماس.
هذا بالضبط ما يحدث للطفل حينما يتولد لديه الحماس نتيجة ما يمر به عقله وإدراكه من نمو وتطوّر.
4. عدم معرفة الطفل بالمهارات اللازمة لتهدئة نفسه: فجميعنا نستيقظ عدة مرات خلال نومنا اليومي، ولكننا لا نتذكّر ذلك لأننا نعود للنوم سريعًا، دون حتى أن يدرك العقل عملية الاستيقاظ. لكنّ لم يتعلّم تلك المهارة بعد، ولا يستطيع العودة للنوم بهذه السرعة، فينتبه عقله ويستيقظ بشكل كامل، ويبكي طلبًا للمساعدة.
5. نمو الأسنان: لا ننسى أيضًا عملية نمو الأسنان والتي قد تكون قد بدأت مسبقا عن ذلك العمر، ولكنها تستمر وتستمر آلامها، مما يسبب للطفل الأرق والتعب.
6. التعب والإرهاق: نتيجة اضطرابات النوم في تلك.المرحلة، يُصاب الطفل بالتعب والإرهاق، مما يصعّب عليه النوم باستقرار.
فعكس توقعات كثير من الأمهات أن الطفل المتعب هو أكثر قابلية للنوم، فالطفل المتعب هو أكثر أرقًا وأقل استراخاءًا.
وبعد شرح وتوضيح أسباب ما يحدث للطفل، نستعرض الآن مجموعة من الحلول التي يمكنك انتقاء الأنسب منها لكِ لتطبيقه وممارسته:
1. من المهم تحديد ما إذا كانت هذه الاضطرابات هي فعلا الانتكاسة الطبيعية للنوم في هذا العمر أم أنها مشاكل أخرى.
ويمكن تحديد ذلك من خلال ثلاثة عوامل…
أولًا: سن الطفل.
ثانيًا: مواصفات هذه الاضطرابات.
(وتم تفصيل هذان العاملان في المقدمة قبل الأسباب).
ثالثًا: أن تكون هذه الاضطرابات جديدة على الطفل، وأن يكون مرّ قبلها بنظام نوم ثابت ومستقر لفترة طويلة.
2. في حالة قلق الانفصال: عليكي منح الطفل الفرصة لتهدئة نفسه. وذلك بتركه بعض الوقت عندما يستيقظ ليهدأ دون تدخل منك. وإذا لم يهدأ فمن الجيّد حينها إعادة طمأنته، بتواجدك معه قليلًا، والتحدث إليه بهدوء شديد، ولكن دون حمله أو الهرع إليه.
اجعلي تواجدك معه مؤقتًا لدقائق قليلة ثم اتركيه. تظاهري بالنوم إذا كان سريره في نفس غرفتك، أو اخرجي قفي خارج باب غرفته دون أن يراكِ إذا كان سريره في غرفة مستقلّة.
إذا عاود البكاء انتظري دقائق لمنحه فرصة أخرى لتهدئة نفسه، ثم كرري تواجدك معه بنفس الطريقة السابقة، ثم اتركيه هذه المرة دقائق أكثر قليلًا … وهكذا.
3. روتين النوم: تخصيص روتين للنوم والثبات عليه يساعد الطفل كثيرًا على الاسترخاء.
ولكن اختيار هذا الروتين يختلف تمامًا من طفل لآخر. واعلمي أنه لا يوجد روتين ثابت يصلح لجميع الأطفال، فبعض الأطفال يسترخون فور استحمامهم، وللبعض الآخر يكره الاستحمام لذا لا يساعده ذلك على الاسترخاء، بل يغضبه ويولّد لديه طاقة وحركة؛ وبعض الأطفال يسترخون عند سماع الأغاني الهادئة، والبعض الآخر يتحمس لعملية الاغناء نفسها فلا يستطيع النوم.
لذا عليكي اختيار الروتين الأنسب لطفلك.
4. تثبيت موعد النوم: تخصيص موعد محدد وثابت للنوم كل يوم والالتزام به، يساعد الجهاز العصبي للطفل على الاسترخاء والهدوء في نفس الموعد كل يوم، مما يسهّل بدوره عملية النوم.
وكذلك الحال بالنسبة لأوقات القيلولة أثناء النهار.
5. تعديل جدوله السابق: من المناسب جدًا في هذه المرحلة تعديل الجدول اليومي لطفلك بحيث يناسب مزاجه ونفسيته حاليًا بشكل أكبر. فمن الممكن أن يكون الوقت الذي خصصته سابقًا للقيلولة هو أنسب له الآن لممارسة المهارات الجديد والتدرب عليها. أو أن يكون أكثر تعبًا ويحتاج الخلود للنوم ليلا مبكرًا قليلًا عن الموعد المخصص له من قبل.
غيّري جدولك بما يناسب طفلك ثم انتظمي عليه وثبّتيه.
6. تبيت جدول اليوم بأكمله: مما يساعد الطفل تعلم مهارات النوم وتهدئة نفسه، أن يكون الجدول الخاص به أثناء اليوم منظّم وثابت، وليس مواعيد النوم فقط.
بمعنى أن مواعيد الأكل، والرضاعة، واللعب، والقيلولة … تتم يوميًّا في نفس الوقت تقريبًا (قد يوجد اختلافات بسيطة بالطبع).
فالطفل عندما يعرف ما يُتوقّع من عمله أو ما سيقوم به في الوقت التالي، فإنه يكون أكثر هدوءًا واستقرارًا، وأكثر استجابة لتتبع ذلك الروتين والانتظام عليه. كما أنه يعلّمه الاعتماد على نفسه في أشياء مثل للنوم والاسترخاء.
7. ألم الأسنان: إذا كانت أسنانه تسبب له الكثير من الآلام، فعليكِ استشارة طبيبه لمساعدتك في تهدئة تلك الآلام.
وفي النهاية عليكي التحلي ببعض الصبر في تلك المرحلة، وتذكير نفسك أنها مرحلة مؤقتة وستمرّ. وكلما ذاد وعيك ومعرفتك بخصائص تلك المرحلة، كلما مرت عليكِ وعلى طفلك بهدوء وسلام وأكبر قدر متاح من الاستقرار.
فقط عليكي اختيار الحلول الأنسب لطفلك، ثم الثبات على تطبيقها.